مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: ما زالوا يقولون الحمد لله!!

0:00

حين قال نبي الرحمة _ صلى الله عليه وسلم _:
(عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)، أعطانا بهذا مفتاحَ التعامل مع المِحَن؛ إذ إنها مهما عظُمت ففيها خير، علِمه من علِمه وجهِله مَن جهِله، فكل ما يحدث إنما هو بتقدير الله، والمسلمُ يؤمن بالقضاء والقدر خيرِه وشرِّه، هذه هي عقيدته التي أعطته سلامًا داخليًّا في وقت المِحن، إذ إن المِحن لا بد وأن تصيب الجميعَ في الدنيا، إلا أن هناك من يجزع، وهناك من يصمد ويصبر، وفي هذا تجد الكاتبَ الأيرلندي “كلايف ستيبلز لويس” (1898م _ 1963م) يقول: (الحياة فى جنب الله لا تعني الحصولَ على حصانةٍ من المِحن، ولكن التحلي بالسلام فى أثنائها).

لقد تعجبَ الغربُ _ ولا يزال _ من ثبات أهل غزة وتحليهم بروح الإيمان، رغم أن الشهداءَ منهم تعدَّوا عشرة آلاف، ورغم أن بيوتهم هُدمت بالآلاف، ورغم إبادة عشرات العائلات إبادةً كاملة، ورغم ظروف الحياة التي هي أقرب إلى الممات!! فهل هناك حياةٌ بلا ماء أو خبز، أو ضحكة طفل؟!

تابع الغربُ ردودَ فِعل أهل غزة وهم يقولون: (الحمد لله _ الله يفعل ما يريد _ نصيبنا من هالدنيا)، فتعجبوا من هؤلاء الذين لا ييأسون من الحياة أبدًا، أو بالأصح لا ييأسون من رَوْحِ الله، فهم يعلمون ” إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ” ( يوسف _ 87 )، فقال أهلُ الغرب _ كما تابعنا في وسائل الإعلام المختلفة _: ( هؤلاء هم الفائزون ببركة الله _ هؤلاء هم المؤمنون _ ما هذا الأمل الذي لا يُقهر لديهم؟! _ الشيء الوحيد الذي يخافه أولئك الناس هو الله _ هذا شيء لا نراه في الحياة كثيرًا ولا سيما في الغرب _ رأيتُ النتيجة على وسائل التواصل الاجتماعي، لقد رأيتُ كثيرًا من الناس يحملون القرآن ويقرؤونه _ بعد كل ما يحدث في فلسطين كثيرٌ من الناس يقرؤون عن الإسلام، كثيرٌ من الناس يقرؤون القرآن، قريبًا سيعتنق كثيرون الإسلام _ لقد اشتريتُ نسختي الأولى من المصحف الشريف _ لقد بدأتُ بقراءة القرآن _ إنه يومي الثاني في قراءة القرآن _ أرى الفلسطينيين الشجعان يفقدون كل شيء، ومع ذلك يحافظون على سلامهم وإيمانهم رغم قتل عائلاتهم _ في الولايات المتحدة نحتاج إلى مزيد من التعاطف مع المسلمين والعالم العربي _ بعد قراءة السورة الثانية فقط فهمتُ الموضوع فهمتُ سببَ وجود مثل هذا الإيمان الراسخ لدى المسلمين، لقد أدركتُ مدى فهمنا الخاطئ للإسلام وأدركتُ غنى هذا الدين وعمقَه وسلاسةَ لغتِه وجمالَها _ لقد كذب علينا الغرب _ عندما أنطق الشهادة أشعر بسلام هائل _ لن أتوقف عن قراءة القرآن أبدًا )!! كل هذه ردودُ فِعلٍ غربيةٌ مختلفة، وقد جاء من بينها أيضًا هذا السؤال: أريد أن أعرف ما الذي تتعلمونه في الإسلام؟! ونقول لصاحبه: نتعلم (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ،… )، نتعلم أن الله سوف يُجيرنا في مصائبنا ويخلفنا خيرًا منها، نتعلم ( وبشر الصابرين )، نتعلم أن الدنيا دارُ ابتلاء والآخرةَ دارُ جزاء، وليس موتُنا نهاية، بل بداية لنجدَ ما وعدَ ربُّنا حقًّا، نتعلم أنه مع أول غمسةٍ في الجنة، سننسى شقاءَ الدنيا مهما كان.

إننا نعلم أن العابرين سوف يرحلون، وأن الأرضَ لأصحابها.

زر الذهاب إلى الأعلى