مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : ماذا نريد من حكومتنا ..؟

0:00

اليوم ونحن نودع حكومتنا السابقة .. وهي لها ما لها وعليها ما عليها ، ومن المؤكد انها قد حققت قدراً كبيراً من النجاح ، فالتاريخ لن ينسي لها انها قامت بالكثير من المشروعات القومية والانجازات الكبرى التي نعتز ونفتخر بها في مجال انشاء شبكة الطرق والكباري ، والنقل والمواصلات ، والبنية التحتية ، والموانئ البحرية ، والمشروعات الاسكانية المتميزة لمحدودي الدخل واسكان الشباب وسكان المناطق العشوائية .. بالاضافة للمدن والعواصم الجديدة والتوسعات العمرانيه في اغلب المحافظات المصرية .. ونفتخر بالعاصمة الادارية الجديدة التي كانت حلماً بعيداً تحقق في فترة وجيزة ، ولا ننسي جهودها الجبارة للقضاء على العشوائيات ، وزيادة الرقعة الزراعية ومواجهة تجريف الأراضي الزراعية والبناء عليها ، كما اقامت بالعديد من المبادرات الاجتماعية والانسانية لتوفير الحياة الكريمة والحماية الاجتماعية ومعاشات الضمان الاجتماعي لمحدودي الدخل وغيرها الكثير من الانجازات التي لا يمكن الاختلاف عليها . ومثلما كان هناك انجازات أيضاً كان هناك اخفاقات .. من الضروري التوقف عندها ودراسة اسبابها ، والاستفادة منها حتي لا يتكرر الفشل مستقبلاً.
وفي يقيني ان الخطوة الأولى في بداية طريق الاصلاح هي التدقيق الشديد في اختيار وزراء المرحلة القادمة .. لكي يتم اختيارهم وفق معايير موضوعية مجردة لاختيار الأجدر والاصلح ..وفقا للصالح العام والقدرة على تحقيق الأهداف المطلوبه بعيداً عن التوازنات والمحسوبيات .
الشعب يريد … حكومة خبرات متميزة من كفاءات وطنية ، وكوادر علمية متخصصة فنياً وعلمياً وإدارياً تكون مؤهلة لإيجاد حلول سريعة لمشاكلنا ..وخطط اصلاحية لإنقاذنا من عثرتنا الاقتصادية ، حكومة لديها القدرة علي محاربة الفساد الحكومي والاداري والقضاء علي عناصر الدولة العميقة المنتشرة في اجهزتنا ، حكومة لديها رؤية اقتصاديه لا تحيد عنها ، وتؤمن بحق المصريين في المعرفة والمشاركة المجتمعية قبل اتخاذ القرار… وتضع ضوابط صارمة للتقشف الرسمي ، والابتعاد عن مظاهر البذخ الحكومي في الاحتفالات والمناسبات الرسمية ، وعليها ان تضع معايير محددة لإقامة المشروعات القومية الكبرى ودراسة جدواها وعوائدها قبل الموافقة عليها .. بعيداً عن التطلعات الفردية غير المدروسة وبما يتماشى مع أولوياتنا ، ويتناسب مع ظروفنا الاقتصادية.
نريد حكومة .. تهتم وتتوافق مع مؤشرات الرأي العام وتوجهاته ولا تعانده او تتكبر عليه ، ويكون المواطن هو شاغلها الأساسي تشاركه همومه ومشاكله لا تستهين بها او تترفع عنها .. تقدم له كافة خدماته الحكومية ومتطلباته في سهوله ويسر بلا تعقيدات وبأسعار مناسبة دون مبالغة .. وتخفف من اعبائه واحماله مثلما تخفف الاحمال عن شبكة الكهرباء … نحتاج حكومة تنزل من برجها العاجي لتحتضن المواطن ولتزيل قلقه وتوتره ، لتحتوي مشاعر السخط والغضب المكتوم في النفوس ، وبما يمكنها من استعادة رصيدها السابق من حب المصريين وتقديرهم ، واسترجاع مشاعر الثقة والترابط والتلاحم بين الشعب وحكومته .. وبما يحفظ مناخ الامن والاستقرار في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا .
اننا نرغب في حكومة جريئة شفافة لديها القدرة علي تقبل النقد الموضوعي ، والاعتراف بالاخطاء والمبادرة بإصلاحها .. حكومة قوية تلتزم بالصراحة والشفافية تتوقف عن سياسة التكتم والصمت والتعتيم الاعلامي عن الأحداث الهامة وعن خلفيات ودواعي قراراتها … حكومة صادقة لا تكذب ولا تتجمل ولا تخجل من الاجابة علي تساؤلات الرأي العام .
ماهي الاسباب الحقيقية التي ادت بنا الي استيراد الغاز من الخارج بعد ان توهمنا بأننا اصبحنا من الدول الكبرى المصدرة للغاز ..؟؟
ولماذا اصبحت مصر دولة مستوردة للبترول ..؟؟ بالرغم من اعلان رئيس الوزراء امام البرلمان بأن عام ٢٠٢٣ هو عام الاكتفاء الذاتي من المواد البترولية ..
عاوزين نعرف ازاى مصر تعاني من مشاكل في الكهرباء بعد كل المصاريف اللي اتصرفت علي محطات الكهرباء ، وبعدما اوهمونا باننا اصبحنا من الدول المصدرة للكهرباء …؟؟
ولماذا نعاني من نقص سيولة الدولار بالرغم من مليارات الدولارات التي استلفناها وغرقنا في ديونها…؟؟
ولماذا لم تظهر لنا البشائر التي بشرتمونا بها لمجرد انضمامنا لمجموعة البريكس واللي تصورنا انها طوق النجاة اللي ها يخسف بالدولار الأرض …؟؟
طيب ممكن حد يفهمنا ليه صرفتوا فلوس كتيرة علي مشروعات ضخمة بتكاليف باهظة في (مدينة العلمين ومدينة الجلالة ) …؟؟ و كان من الممكن صرفها علي مشروعات صناعية او انتاجية او تصديرية افضل .. وكان بالإمكان طرحها للبيع كآراضي سياحيه استثمارية زي صفقة رأس الحكمة .
وكان برضه من الواجب ان حد يتكلم عن الفلوس الكتيرة اللي ضاعت علي البلد في فضيحة شراء طيارات مصر الطيران اللي عرضوها للبيع بأقل من ثلث ثمنها قبل ان تدخل الخدمة .. ولغاية دلوقتي محدش عرف ايه الحكاية .. ومين السبب في الكارثة دى .
نحتاج لوزارة تخطيط حقيقية فعالة وليست مظهرية ، كما نحتاج الي وزارة مالية لديها رؤي واضحة وقواعد مالية لا تخرج عنها ، وبدائل وحلول من خارج الصندوق وتبطل تلجأ لزيادة الضرائب والرسوم لحل مشاكلنا المالية .
ونحتاج الي مسئولين عن وزارة الاستثمار لديهم المؤهلات العلمية والعملية والشخصية القادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية ، والتعامل معهم بأساليب متطورة بعيدا عن الروتين والفساد الحكومي ، وعدم التباطؤ في تخارج الدولة من بعض الانشطة الاقتصادية ، وتذليل المعوقات والصعوبات التي تواجه الاستثمار والقطاع الخاص .
لا نريد وزيراً للتعليم يكون همه الأول الغاء وهدم كل ما قام به سابقيه ..وان تكون كل أفكاره لتطوير العملية التعليمية تنصب علي تأجير فصول المدارس .. أو مشاركة اصحاب السناتر التعليمية لتحقيق مزيداً من الارباح.. والامر يتطلب ضرورة انشاء مجلس علمي متخصص لديه الرؤية والكفاءة لوضع خطط وسياسات مستقبلية للتعليم في مصر .. يتم الالتزام والتقيد بها ولا يجوز تعديلها بقرارات وزارية منفردة .
نريد وزيراً للصحة لديه المقدرة علي التعامل بكفاءة وحنكة مع المشاكل المزمنة لمنظومتنا الصحية وخدماتها المتدهورة .. وان يتمكن بحكمة وذكاء من احتواء ظاهرة الهجرة المتزايدة لمعظم اطبائنا صغارا وكبارا ، بما قد يؤدي إلى حدوث أزمات حادة في توفير احتياجاتنا المستقبلية .. والعمل على تذليل صعوبات عملهم ، وعدم التعالي علي مشاكلهم .. وان يستفيد ويتعلم من التجارب الفردية الناجحة لبعض رجال الاعمال او الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي نجحت باقتدار في اقامة مستشفيات متخصصة عملاقة ومتطورة بجهود تطوعية ومشاركات مجتمعية خاصة لعلاج الفقراء بالمجان من خلال منظومات اداريه ناجحة .. وهو ما فشلت فيه وزارة الصحة بكل اجهزتها .. وتهربت من فشلها في الإدارة وتقديم الخدمة الصحية المطلوبة بالإعلان عن مشروع تأجير المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص ،والاكتفاء بمشروع القوافل الطبية والتركيز الاعلامي والدعائي عليه .

ورغم كل الخلاف والاختلاف مع سياسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الحكومة الجديدة خلال الفترة الماضية .. ونظراً للظروف الحرجة التي تمر بها مصر والتي تتطلب منا جميعاً الوقوف خلف حكومتنا ودعمها ومساندتها .. فإننا نتمني له ولحكومته المنتظرة كل التوفيق والنجاح في حمل مسئوليته الجسيمة .. ونعاهده بأن نطوي صفحة الماضي الاليم … علي ان يعاهد الله وشعب مصر في ان يبدأ صفحة جديدة ، وعهداً يعمل فيه علي اصلاح اخطاء الماضي ، وان يدقق اختياراته ، وان يلتزم بجماعية القرار ،واعادة التواصل والمشاركة والحوار المجتمعي من خلال سياسة اعلامية واعية تبتعد عن التصريحات المتعالية ، والوعود البراقة التي لا تتحقق والتي تستفز مشاعر المواطنين وتثير حفيظتهم .
رعي الله مصر .. انه المولي ونعم النصير .

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى