اللواء مروان مصطفى يكتب : حرب غزه .. تضحيات مصريه .. وانتقادات فلسطينية
انا عايز اعرف ايه سر تصاعد الهجوم والانتقادات الشديدة التي توجه لمصر من بعض الأخوة الفلسطينيين .. لقد حاولت كثيرا تجاهلها وصرف النظر عنها الا انها قد تزايدت مؤخراً بصوره مسيئة وغير مقبولة حيث تطاولوا فيها علي مصر واتهموها بالانحياز والخضوع لإسرائيل ، واغلاق معبر رفح للمساهمة في الحصار المفروض عليهم ، والتقصير الشديد فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية التي ترسل لهم ، كما اتهموا الشعب المصري وجيشه بالتخاذل والخضوع وإثاره مشاعرهم ليقتحموا معبر رفح الي غزه للدفاع عنهم .
واعترف لكم .. بأني كنت مترددا ًورافضا تماما مناقشة تلك المواقف لحساسيتها ، ولعدم التأثير على المعنويات في تلك الظروف الدقيقة .. ولما زاد التمادي مؤخراً .. وجدت نفسي (وبكل آسف) مضطراً للرد علي تلك الاساءات .. بما يعيد الامور الي نصابها ، ويضع النقاط على الحروف ، ويظهر المواقف الحقيقة ، ولنسترجع ونتذكر جميعاً الاحداث السابقة والوقائع التاريخية التي شهد عليها التاريخ والتي يبدو ان البعض منهم قد نسيها او تناساها .
انني لن أخوض في تفصيلات القضية الفلسطينية باعتبارها قضيه ( الفرص الضائعة ) كما هو معروف عنها .. ولن اتحدث عن آلاف الشهداء المصريين والمصابين والاثمان الفادحة التي دفعتها مصر خلال حروبها مع اسرائيل دفاعا عن تلك القضية .. كما لن احدثكم عن حجم المعاناة والضغوطات والتهديدات السياسية والاقتصادية التي عانتها وما زالت تعانيها .. ومدى فداحة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الخطوط الحمراء التي وضعتها لضمان عدم التهجير وتصفيه القضية الفلسطينية .. كما لن اتحدث عن كل الجهود التي تبذلها السلطات المصرية في سبيل ايصال المساعدات الإنسانية التي تستقطع اغلبها من قوت الشعب المصري ويتم ارسالها لأخواتهم في غزه والتي أشاد بها العالم أجمع … ولن أتحدث عن مؤتمرها الدولي الذي عقدته مصر بعد أيام من بدء الحرب لحشد الجهود الدولية ولمواجهة المزاعم الاسرائيلية .. كما لن أشير الي الجهود
الجبارة التي تبذلها مع الشقيقة قطر لتحقق التوافق حول الهدن الإنسانية وتبادل الأسري بما يخفف عن الشعب الغزاوي المكلوم .. ولكنني سأذكركم بالدور المصري التاريخي لاستعاده الحقوق الفلسطينية المغتصبة بعد حرب اكتوبر.. وقيام الرئيس الراحل أنور السادات بالتصميم علي دعوه الفلسطينيين لمؤتمر (مينا هاوس) واصراره علي رفع العلم الفلسطيني ( لأول مره) في مواجهة العلم الاسرائيلي للتفاوض المباشر لاسترجاع اراضيهم المحتلة بالكامل أواغلبها علي الاقل والتهديد بانسحاب مصر من مفاوضات السلام اذا لم يحصل الفلسطينيين علي حقوقهم . ولن استفيض فالتاريخ شاهد ، والفرص الضائعة كثيره .. والاكاذيب الواهية أكثر .
وعلي الرغم مما قامت به حماس (من تهديدات وقلاقل وتدخلات لا تليق ولا تنسي ) في داخل مصر خلال أحداث يناير عام٢٠١١ ولا التصريحات الرسمية وتهديدات قياداتها لمصر وجيشها وشرطتها ..ورغماً عن كل ذلك تجاوزت مصر وتغاضي شعبها عن تلك التجاوزات والاساءات وواصل مساندته لحق الشعب الفلسطيني المغلوب علي أمره والوقوف بجانبه في محنته في ذات الوقت الذي تخلي عنه الكثير من اشقاءه العرب واداروا وجوههم عنه .
وأقول للفلسطينيين قبل أن تلوموا مصر عليكم أن تلوموا أنفسكم فمصر كانت ومازالت سنداً داعماً لحقوقكم ، وملاذا ًآمناً لكم حتي في أصعب ظروفها السياسية والاقتصادية …وهي تفعل كل ما بوسعها ، وتتحمل أشد الضغوط والتهديدات ولكن لوموا الانقسام والتفكك فهو السبب الرئيسي لما تقاسونه وتتعرضون له ، ناهيك عن الخلافات والصراعات المتفاقمة بين تنظيمات المقاومة وبعضها .. وانقلاب حماس علي السلطة وطردها لمسئوليها من قطاع غزة .. والثأر الدموي بينهم بعدما تم قتل مسئولي منظمة فتح والقائهم من اسطح المنازل وقتلهم في الشوارع فيما أطلق عليه (صراع الأخوة).
وكانت النتيجة الطبيعية لتلك الصراعات والانقسامات استشهاد وأصابه أكثر من ٧٥ألف فلسطيني في حرب شرسة مع عدو متوحش ومجنون .
لا أحد يختلف علي ان حماس قد نجحت وبكل تقدير وشجاعة وتخطيط وتدريب وتكتيك ذكي فاجأ العدو والعالم كله وهزم اسطورة الجيش الذي لا يقهر وكسر شوكته وحطم معنوياته ومعنويات شعبه .
ولكنه كان من الواجب عليهم وهم تحت الأرض أن يأخذوا في اعتبارهم حمايه الشعب الأعزل الموجود فوق الأرض ..والذي سيواجه بمفرده رد الفعل الاسرائيلي الانتقامي المجنون ولا يتركوا تلك المسئولية لمنظمات الاغاثة مثلما صرح أحد القيادات الحمساوية بان رعاية مواطني غزه وحمايتهم تقع علي عاتق الأمم المتحدة باعتبارهم لاجئين.
لقد تشرد كل سكان غزه دون أن يجدوا ملجأ أو نفقاً يحميهم من القصف الرهيب ، ولم يجدوا من يطلق طلقه واحده للدفاع عنهم فوق الأرض ، ولم يخزن لهم أحد مخزونا احتياطياً من الغذاء والدواء أو حتي الماء.. ولم يجدوا حتي مجرد خيمه لإيوائهم في ظروف الشتاء القاسية .. واكتفت القيادات بالإشادة بتضحيات الشعب ومطالبتهم بمزيد من الصمود .
ولعلها الفرصة الأنسب لاستيضاح بعض المستجدات التي تدورفي الكواليس والتي تثير مزيداً من الشكوك.. وخصوصا بعد تصريح القيادي أسامه حمدان باستعداد حماس وقدرتها علي مواصلة حربها ضد اسرائيل من سيناء اذا ما تم تهجيرهم اليها… بالاضافه الي ما تناثر من معلومات عن صفقه تفاوضية كبري تضمن خروجاً آمنا من الانفاق لبعض قيادات حماس واسرهم وتوجهم مباشرة لمطار العريش والسفر الي ( الجزائر) .. بعدما رفضت تركيا استقبالهم… في مقابل الافراج عن كل المخطوفين لدي حماس.. وتقوم اسرائيل بعد ذلك باتخاذ ما تراه مناسباً مع مواطني غزه وتهجيرهم قسرياً أو طوعياً… وفقاً للمقترح الروسي بقبول بعضهم كلاجئين وتوزيعهم علي مدن (تتارستان ،وداغستان ،وكالوجا ،وكراسوندار ) وهو مارحبت به اسرائيل وأبدت استعدادها لدفع ٦ آلاف دولار لكل مهاجر طوعي .. وقيامها بفتح مطار رامون ومطار قلنديا أمام الفلسطينيين الراغبين في السفر.
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب