مقالات الرأى

الدكتور عماد عبد البديع يكتب : ( تسبيحة خير من ملك إبن داوود ! )

0:00

من القصص الجميلة التي توقفت عندها طويلا قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع الفلاح الذي كان يعمل في حقله خلف محراثه، ومر من فوقه بساط سيدنا سليمان عليه السلام، فاستظل بظله وقال: لقد أوتي إبن داوود ملكا عظيما ! فنقلت الرياح هذه الكلمات إلى سيدنا سليمان والتي كانت مسخرة له تجري بأمره حيث يشاء .

فما كان من سيدنا سليمان النبي الملك -والذي أعطاه الله من آيات الملك ما لا ينبغي لأحد من بعده من العالمين- إلا أن يهبط إلى الفلاح ويقول له: لتسبيحة في حقلك خلف محراثك خير مما أوتي إبن داوود !

ما استوقفني حقا عند هذه القصة أن كثيرا من الناس في هذه الأيام ينظر إلى ما عند الأخرين من نعم وينسى أو يتناسى النعم الكثيرة التي أعطاها الله له أو أختصه به دون غيره من الكثيرين . فكثيرا ما تجد من يشكو من حاله وأخر يضيق بعمله وثالث يتضجر من أسرته وأولاده ، ولا أحد يعجبه حاله …

عن قيمة الرضا أتحدث، إنها الفريضة الغائبة لدى الكثيرين في هذه الأيام . من أجمل العبارات التي قرأتها وتوقفت عندها طويلا : إن عملك الشاق حلم كل عاطل، وإن منزلك الصغير حلم كل متشرد، وإن ابنك المزعج حلم كل عقيم، وإن ابتسامتك الهادئة حلم كل مهموم وإن مالك القليل حلم كل مدين…

إن القيمة الحقيقية ليست بالكم ولكنها بالكيف، فعملك الذي تقوم به إذا أتقنته وأجدته وأخلصت فيه قد ينقلك إلى مكان أخر، وأسرتك التي تحرص دائما على سعادتها ورعايتها تجعلك دائما تشعر بالمعنى الحقيقي للسعادة .

إن السعادة الحقيقية في أن ترضى بما قسمه الله لك وأن تكون على يقين بأن ما اختاره الله لك هو الأفضل وأن السبيل الذي قدر الله لك السير فيه هو خير السبل .. ربما حين ينضج الإنسان ويدرك المعاني الحقيقية للأشياء سوف يدرك حينها أنه لو عاد به الزمن لاختار نفس الاختيارات ولفعل نفس الأشياء عينها !

الفكرة الحقيقية للحياة أن تستمتع بما حباك الله من نعم وأن تستفيد من الفرص والمنح التي حبيت بها. وكما تقول الست أم كلثوم” لا تشغل البال بماضي الزمان ولا بآت العيش قبل الأوان.. واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي أمان” .. رزقنا الله وإياكم بنعمة الرضا والقناعة ..

زر الذهاب إلى الأعلى