عرب وعالم

نداء المليون توقيع… معركة مصر لاستعادة كنوزها الأيقونية

الشارقة _ تقرير _ علاء عبد الهادي:

0:00

في أجواء من الحماس الوطني والفخر بالحضارة المصرية، شهد معرض الشارقة الدولي للكتاب ندوة كبيرة أدارها الإعلامي الإماراتي أنس بخش، واستضافت عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الذي تحدث بإصرار عن القضية التي يعتبرها “معركة الوعي المصري” لاسترداد رموز التراث المصري المنهوبة.

المتابعة الرئاسية لمطلب وطني

أكد الدكتور زاهي حواس أن الحملة التي يقودها لاستعادة كنوز مصر الأثرية تحظى باهتمام ومتابعة مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما يجعلها قضية قومية تتجاوز حدود المتاحف لتصبح مشروعًا وطنيًا لإحياء الهوية المصرية. وتركّز الحملة على ثلاث قطع تُعد من أبرز رموز الحضارة المصرية القديمة: رأس الملكة نفرتيتي الموجودة في متحف برلين، حجر رشيد في المتحف البريطاني، والقبة السماوية (الزودياك) المحفوظة في متحف اللوفر بباريس. الهدف هو عرض هذه القطع داخل المتحف المصري الكبير ولو لفترة مؤقتة، لتكون أمام أعين المصريين الذين يمثلون الامتداد الحقيقي لتلك الحضارة.

حملة توقيعات لإشعال الوعي الشعبي

أوضح حواس أن استرداد هذه الكنوز لن يتحقق بالجهود الرسمية وحدها، بل من خلال تحويله إلى مطلب جماهيري قوي. ولهذا أُطلقت مبادرة “نداء المليون توقيع”، حيث يجري جمع توقيعات الزوار في المتحف المصري الكبير على وثيقة رسمية تطالب المتاحف العالمية بإعادة هذه القطع لموطنها الأصلي. وقد تجاوز عدد الموقعين مئات الآلاف حتى الآن، في انتظار الوصول إلى مليون توقيع ليكون ذلك بمثابة تفويض شعبي للتحرك على الساحة الدولية.

دعوة لإيقاف الممارسات الاستعمارية

تحدث حواس بوضوح عن ضرورة وقف ما وصفه بـ”الممارسات الاستعمارية الثقافية”، والمتمثلة في احتفاظ المتاحف الغربية بآثار الشعوب الأخرى. ودعا إلى تنظيم معرض دولي للدول صاحبة الحضارات القديمة، يكون هدفه مناقشة آليات استعادة القطع الأثرية المنهوبة من أوطانها. كما وجّه نقدًا للمؤسسات الغربية التي ما زالت تشتري أو تعرض قطعًا مسروقة، مشددًا على أن الاستمرار في هذه السياسات لم يعد مقبولًا في زمن الوعي العالمي بحقوق الشعوب في تراثها.

موقف مشرف من الشارقة

أشاد الدكتور زاهي حواس بموقف الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي حاكم الشارقة، الذي قدّم نموذجًا راقيًا في احترام التراث الإنساني، حين اشترى آثارًا مصرية كانت معروضة في إحدى الدول الغربية وأعادها إلى مصر هديةً لشعبها. هذا التصرف، بحسب حواس، يجسّد الأخلاق الرفيعة والتضامن العربي في حماية التراث.

رؤية إنسانية للحفاظ على التراث العالمي

اختتم الدكتور حواس حديثه بالتأكيد على أن التراث الإنساني مسؤولية مشتركة بين جميع الشعوب، وأن مصر ستظل نموذجًا عالميًا في الدفاع عن تاريخها وهويتها. كما أشار إلى زيارته المرتقبة لموقع الفاية الأثري في الشارقة، الذي انضم مؤخرًا إلى قائمة التراث العالمي الطبيعي، معتبرًا ذلك دليلاً على تلاقي الجهود العربية في حماية التاريخ المشترك.

إن حملة “نداء المليون توقيع” لا تمثل مجرد مبادرة رمزية، بل تُجسّد إرادة مصرية متجددة في إعادة الاعتبار لحضارةٍ علّمت العالم معنى الفن والعلم والعراقة. وما بين الدعم الرئاسي والتفاعل الشعبي، يبدو أن مصر تمضي بخطى واثقة نحو استعادة صوتها الحضاري، وتأكيد أن آثارها ليست مجرد أحجار، بل ذاكرة وطن وهوية شعب.

زر الذهاب إلى الأعلى