شعبان ثابت يكتب: كنت حالما
أصدقائي وقرائي الأعزاء تذكرت لبُرهة من الزمن بيني وبين نفسي أنني دخلت في حوار مع صديق وسألني عدة أسئلة منذ خمسين عاما عن ما سيحدث في هذا الزمان وعندما تذكرت إجاباتي منذ 50 عاما إكتشفت أنني كنت حالما ؟!
كنت حالما عندما قُلت له أن الدم لايمكن أن يكون ماء؟!
بعدما قتل الأخ أخيه والأب إبنه والإبن أباه والأم قتلت إبنتها والبنت قتلت أمها فأصبح الدم أرخص من الماء!!
كنت حالما عندما قُلت له أن الصدق مُنٓجي.
فأصبح الصادق منبوذ والكاذب يقف على منابر ومنصات ومسارح الصفوة من القوم ويظهر على الشاشات واعظا وقدوة وفاعل خير؟!
كنت حالما عندما قُلت له أن المال ليس كل شيء
ووجدت صاحب المال تُفتح له الأبواب المغلقة وتقف له الرجال وتنحني أمامه الرؤوس وإبن الأصول ينظر بحسرة على الخسيس إللي كان بالمداس ينداس يتشال فوق الراس.
كنت حالما عندما قلت تموت الحرة ولا تأكل بثدييها؟! ووجدت الكاسيات العاريات يُكَرّمنَ كواعظات وصاحبات رأي سديد على منصات الجامعات رأيتهن مُحاطات برجال كالذئاب يأكلن من ثديهن ويركبن أرقى وسائل المواصلات والعفيفات الشريفات يُتهمنَ أنهن متخلفات ؟!
كنت حالما عندما قُلت صلة الرحم من المقدسات فوجدت أن الأرحام قُطِعَتْ ودور المسنين فُتِحَت والزيارات مُنِعَت والتليفونات أُغلِقَت والجُثث المتعفنة في الشُقق وُجِدَت بعد أن تعفنت وتحللت وكانت قد أنجبت بنين وبنات ظنا منهما أنهم سندا لهما في الحياة.
كنت حالما عندما قُلت له لِكُل مقام مقال وأن لكل تخصص خبراء؟!
و للأسف الشديد وجدت الرويبضة يتحدثون في أمور العامة بدون ضابط أو رابط و أصبحنا في زمن يُصٓدق فيه الكاذب ويُكٓذب فيه الصادق!!
وأخيرا لم أكن حالما عندما قُلت دوام الحال من المُحال فوجدت أن المُحال أن يدوم الحال على حال.
ونحن الآن نعيش حال لم يخطر على بال ولكنه قطعا سيأتي يوم نقول كانت أيام بعد أن ينعدل الميزان.
وإلى أن نلتقي في مقال آخر أترككم في رعاية الله وحفظه