مقالات الرأى

محمد نصار أبو ضيف يكتب : معركة الوعى

0:00

حقا وليس مجرد جمل وعبارات رنانهُ إننا نعيش اليوم معركة حقيقة هي أخطر من كل المعارك التي خاضتها البشرية ، فهي لا يوجد بها أسلحة عسكرية وإنما حرب علي العقول وتهويد للهوية رويداً رويداً ، والخطة واضحة علي عقول العرب والمسلمين ولابد من وقفة لوقف هذا التهويد والتهديد الذي يهدد عقول أبنائنا وشبابنا وبلادنا وإسلامنا قبل وبعد كل شي فهو الأهم في وسط هذا المخطط ، ولذلك بدأوا مبكراً في هذه المعركة ولا عجب في إصرارهم وإنما كل العجب في صبرهم علي تنفيذ ذلك المخطط الذي وضعوا نصب أعينهم ديننا ووطننا وعقولنا منذ عقود بل وقرون .
فاستخدموا الحرب النفسية وإضعاف العزيمة تارةً وتارةً أخري الحرب الإلكترونية ، وتارة ً الحرب الإقتصادية إلخ من كل الوسائل التي إستخدمها أعدائنا في الغرب والشرق للسيطرة علي العقول كي يتمكنوا من بث أفكارهم المسمومة والأفكار الهدامة والفكر الإرهابي ، كي يجعلوا أبناء الوطن الواحد يتصارعون ويتقاتل بعض البعض بأمولهم وبأرواحهم دون أن يخسر هولاء روح من أرواحهم الخبيثة ، وهنا اطلق عليهم حزب الشيطان الذين بثوا الفكر المتطرف كي ينالوا من العقيدة التي هي أغلي ما يملك الانسان .
فالدور الذي تلعبة مواقع التواصل الاجتماعي في المجتمعات،في حقيقته ليس بالأمر الهين،علي الاطلاق وهو الامرالذي تجلي في ابهي صورة، في العديد من المراحل، سواء في منطقة الشرق الأوسط والتي لعبت فيه “السوشيال ميديا”دورا كبيرا ابان مايسمي ب”الربيع العربي” وماتبعها من فوضي كبيرة وضعت العديد من دول المنطقة علي حافة الهاوية، بل واسقطت بعضها في مستنقع الحروب الأهلية لسنوات أدت الي تدميرها في نهاية المطاف.
وحالة الانتقال المكاني، الذي شهدته”السوشيال ميديا”بين الشرق والغرب،لم تختلف معها الاستراتيجية القائمة علي فكرة استغلال اوضاع سياسية واقتصاديةمعينة.لتاجيج الغضب الشعبي وتاليب الراي العام المجتمعي علي النخبة الحاكمة عبر تلك المواقع والتي كانت “أداة” ربما تحمل الكثير من الأيجابيات، وانما تخضع للكيفية التي يمكن استغلالها بها،وتوجيهها اليها عبر انتشار عدوي “الترند” والذي اصبح بمثابة”سلاحا” يمكنه استقطاب ليس فقط المجتمع ،وانما ايضا الصحف والقنوات التلفزيونية بحثا عن مزيد من المشاهدات وبالتالي تتحول القضايا المستهدف اثارتها بمثابة المحور الذي يدور حوله كل شي في المجتمع بدء من مواقع التواصل،مرورا بالاعلام وحتي الشارع. الا ان ثمة تغيير يبدو ملحوظا في طبيعة القضايا المستهدفة،خلال السنوات الماضية يتمثل في إثارة موضوعات او بالاحري “اعادة تدوير” مشاهد قديمة وموجودة منذ ان خلق الله الارض ومن عليها، ربما تبتعد عن السياسة علي الاقل نظريا،الا انها تحمل نفس الأهداف القديمة من خلال محاولات ارهاب المجتمع منها علي سبيل المثال التركيز علي تعظيم الجرائم التي قد يشهدها المجتمع هنا او هناك وتحويلهاالي حديث الشارع بصورة يومية باطلاق المزيد من الأكاذيب والشائعات والتي تهدف في الاساس الي تجريد المواطنين من الشعور بالامن والامان،وهو مايحمل في طياته اهداف اخري اهمها هدم الثقة في مؤسسات الدولة والعودة بالمجتمع كله الي الوراء في اطار دائرة مفرغة من الخوف.
ومحاولات نشر الفوضي عبر “السوشيال ميديا” لاتقتصر علي تعظيم الجرائم،وانما ايضا امتدت الي اثارة القضايا الخلافية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا باسس المجتمع وتقاليده دينيا واخلاقيا علي غرار قضايا المثلية الجنسية والاجهاض ،او الفتاوي الدينية الشاذة والتي لاتقتصر في معظم الاحيان علي دين بعينه،لتتحول تلك القضايا الي جدل مجتمعي من شانه اثارة المزيد من الانقسام داخل المجتمع، سواء في اطار اخلاقي اوديني اوحتي طائفي لاثارة الفتن، وهو مايعكس محاولة صريحة لاثارة المجتمع علي ذاته.ولعل الفوضي التي وصلت اليها العديد من الدول حول العالم، وبلاخص في الشرق الاوسط،في السنوات الماضية كانت محلا للجدل لسنوات طويلة بين فريق من المحللين والنشطاء ،اعتبر مواقع”السوشيال ميديا” ك”ادوات داعمة للديمقراطية” من جانب ، في حين راها فريق أخرك”سلاح”لتقسيم المجتمعات من جانب اخر،الاان الجدال الشائك ربما حسمته الولايات المتحدة نفسها،عندماشهدت اقتحام الكونجرس،لاول مرة في التاريخ،بعد
معركة الوعي اهي حقامعركة؟
ومن حيث المبدا وفقط كي يكون القارئ علي بصيرة وليس كمصادرة او اقصاء فإنني من المؤمنين بما يسمي معركة الوعي و من المعولين عليها تعويلا حقيقيا.العالم الذي خلقنا فيه لايتغير الابالقوة لكن تلك القوة هل يمكن ان ينتجها الوعي ؟الاجابة نعم،وايضا لا..يمكن ان تؤثر بالوعي وحده علي موضع قوة فتقدر علي التاثير بالقوة. ربما اتفق مع نيتشه حين قال في “اعتباراته اللاوقتية” ان كل فلسفة معاصرة هي اما سياسية او بوليسية.وبما اننا نتكلم في مشكلات ذات طابع سياسي،شئنا ام ابينا، مهما بدت فكرية اونظرية،فليكن الكلام بالتصريح، فموضع القوة الذي نتحدث عنه كعامل جوهري في التغيير قد يكون بؤرة قوة حساسة تغير المعادلات،بناء علي قناعات او اهواء محضة او مزيج بينهما وهذا هو الغالب،وقد يكون شريحة هائلة عصية علي القمع والخداع،ويكون الدور الاساس لها في الحقيقة ان تجتذب بؤرة القوة الحساسة سابقة الذكر او التاثير في جناح فاعل منها.لكن يجب انك لاحظت علي كل حال ان انتاج هاتين الحالتين للتغيير قد رجع الي القوة، القوة قد يؤثر عليها الوعي، ولكنها غالبا ما يؤثر عليها الهوي والمطامع وان تحققه كان امرا استثنائياحصل في التاريخ لبعض الانبياء وبعض الملهمين.لم تكن معركة جماهيرية بالمقام الاول اذن ولاهي خطاب ضرورة سيحقق نتيجة لولاها لما تحققت.
وفي الختام أسال الله ان يحفظ مصر وأهلها وجيشها من كل سوء وسائر بلاد العالم والمسلمين

——

باحث فى العلوم السياسية

زر الذهاب إلى الأعلى