مقالات الرأى

محمد منازع يكتب: لكن مثلي لا يذاع له سر!

المشهد غريب جدا، كلما مررت أمام قسم شرطة وجدت طوابير طويلة على غير المعتاد، للرجال والنساء، لا تبدو على وجوههم تشوهات البلطجية، ولا إصابات المشاجرين، من الشباب والشيوخ، لا يحملوا أي أوراق، ولا يدور بينهم حديث، جميعهم في صمت مطبق، كل في شأن يغنيه، لماذا يتحمل هؤلاء تلك الوقفة الكئيبة، ربما ينتظرون من ورائها مكسبا كبيرا، وإما أنهم يعانون من شيء أكثر مرارة حتى يتحملوها.
واستبعدت طبعا أنهم يريدون الحصول على سلع مدعومة كما كان في الماضي، لأن من يخرج هو يضع يديه في جيوبه ويمصمص شفتيه ولا يحمل أية أغراض، ثم إن سماتهم لا توحي بأنهم من الذين يحتاجون إلى دعم، فمنهم من جاءوا بسيارات فاخرة، ويرتدون ملابس من ماركات عالمية.
ولأنني بطبيعتي أكره الطوابير بكل أنواعها، لو كانت للحصول على المال وأولها طابور الصراف الآلي أمام البنك، لذلك لم أقف لأسأل رغم أن الفضول تضاعف عندي لأن المشهد تكرر، والطوابير لا تشهد أي شغب أو مشاكل، على أية حال في المساء سوف تصدعني برامج التوك شو بكافة التفاصيل المملة ولا داعي لأن أفكر كثيرا ولا أتعب نفسي في أمر لا طائل منه، طالما لم يكن هناك ما يعكر الصفو.
توجهت إلى عملي وبدأت أطالع الأخبار وما يحدث في الدنيا، فوجدت خبرا يقول إن رجلا من سنغافورة تقدم بشكوى لدى السلطات في بلاده، ضد صديقته التي رفضت تطوير علاقتهما إلى حب، وتسببت له في صدمة عاطفية، ووضعته بموقف محرج، وأخبرته بأنه مجرد صديق فقط.
“كاوشيجان” يعمل مديرا في شركة طائرات، ورفع قضية ضد صديقته نورا تان شو مي، واتهمها بأنها ألحقت الضرر به وأدخلته في اكتئاب حاد، ما أدى لخسارته خمس شركات، وطالبها بتعويض ثلاثة ملايين دولار.
علاقة الصديقين استمرت خمس سنوات، وقالت نورا إنها بدأت تشعر بتغير كبير، واكتشفت أن كل منهما ينظر بطريقة مختلفة، تراه مجرد صديق، بينما هو يحبها، فقررت وضع حدود للعلاقة، وطالبته بالابتعاد، إلا أن هذا لم يرضه فقرر مقاضاتها.
أمام إصراره قررت هي الأخرى رفع دعوى مضادة وطالبته بتعويض عن التكاليف التي أنفقتها وجلسات الدعم النفسي التي لجأت إليها بسببه، وطالبت بـ364 ألف دولار، لأنه يطاردها في عملها ولدى جيرانها، وحددت السلطات العليا في سنغافورة جلسة لنظر القضية.
ها ها ها ها، يعني كل هذه الألوف في الطوابير كانت من العشاق المتضررين، “نعم أنا مشتاق وعندي لوعة.. لكن مثلي لا يذاع له سر”، لذا لن أقف في هذا الطابور.

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"