راندا الهادي تكتب : الحركة الثانية
على رقعة الشطرنج كل حركة محسوبة ولها نتائجها ، لكن إذا فكرنا قليلا سنجد أن أضعفهم تأثيرًاعلى الإطلاق هي الحركة الأولى ، لأنه من الصعب أن تكشف عن خطة اللاعب ، ومن الصعب أن تحدد فوزه من خسارته ، ومن السهل استرجاعها وتغيير الخطة ، أما إذا اتخذت الحركة الثانية فأنت فقدت خمسين بالمائة من قدرتك على التصحيح .
إنها قوة الحركة الثاني في الحياة ، إما أن تأتي لتصحيح خطأ الحركة الأولى أو تعديل القصور فيها ، أو تأكيد اعوجاجها والاستمرار على الخطأ إلى ما لا نهاية ، ولنأخذ هنا كمثال ثقافة الطابور ، إذا ما نظرنا لأي طابور -شاركنا أو لم نشارك فيه – الأول في الطابور مهما كان اتجاه وقوفه هو منضبط وملتزم ، إذن متى يمكن الحكم هلى انتظام الطابور من عدمه ، من العنصر الثاني في الطابور ، إما أن يقف وراء العنصر الأول أو يقف بجواره وهنا يخرب الطابور .
ومن هنا جاءت أهمية البطانة حول الحاكم أو لنقل الرجل الثاني ، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال: (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى)..، ومن واجبات متخذ القرار في أي موقع كان ، أن يدقق في اختيار بطانته أو لنقل رجله الثاني .
وبما أن الأسرة هي اللبنة الأولى في أي مجتمع ، فإن قوتها وسلامة بنائها يعد شرطًا أساسيًا لتقدم هذا المجتمع ، وإذا ما سألتكم عن القائد داخل الأسرة أو العنصر الأول بها من هو ؟ فورًا سيتبادر إلى الأذهان الرجل – رب الأسرة- ، لكن الإجابة خاطئة يا عزيزي ، أتعلم لماذا ؟ لأنك لو فكرت لبرهة في ماهية المسئول الأول عن تربية الأبناء داخل أي أسرة ستجد ببساطة أنها الأم وليس الأب ، إذن أي دور يشغله الأب ؟ الإجابة ؛ الدور الأهم كما ذكرت في ما سبق ، دور العامل الثاني أو العنصر الثاني ، والذي إما أن يشد على يد العنصر الأول إذا كان مصيبا ويدعمه أو يطيح بكل جهوده للإصلاح على الأرض وتنهار الأسرة .
إذن وصلنا للهدف من طرح نظرية العنصر الثاني في هذا المقال ، ألا وهو دور الزوج والوالد والأب داخل الأسرة ، أنت العامل الأهم في تربية أولادك لست خزينة أو ماكينة نقود ، ومن حق أولادك مهما كانت واجباتك خارج المنزل ثقيلة أن يشعروا بهذا الدور ويعايشوه ليل نهار ، ومن حق زوجتك أن تتشارك معك عبء التربية ، فأنت من تحدد بالنهاية نجاح العنصر الأول ( الأم) أو تكون ثقلًا وعائقًا بالطريق .
