مقالات الرأى

د.صابر حارص تكتب : يوميات صائم (9)

لماذا قطع الله آيات الصيام في سورة البقرة ووضع في سياقها أية الدعاء ثم عاد جل جلاله ليكمل آيات الصيام؟بدأ سبحانه وتعالى: يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ثم بعد آيتين فقط جاءت {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ثم عاد جل وعلا إلى آيات الصيام مرة أخرى

وهذا يدل على أن رمضان هو أعظم مواسم الدعاء بدليل أن الله وضع آية الدعاء الأساسية بين آيات الصيام، وأن المسلم وهو صائم كما هو ساجد أحرى بإجابة الدعاء

وقد ورد ما يؤكد ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم”

وقوله: (والصائم حتى يفطر) لا يتقيد بصيام رمضان فحسب، لكنه في غير رمضان أيضا، وصيام رمضان أحرى بالإجابة، لشرف الزمان ولمضاعفة الأجور على الأعمال، وربما أراد الله بهذا الذهاب إلى اعتبار الصيام بدون الدعاء صيام منقوص، أو أن الدعاء شريك الصيام في رمضان

وفي آية الدعاء هذه أيضا إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وأن شهر رمضان مرجوة دعواته، ودلالة على أفضلية الدعاء طوال نهار رمضان وعند انتهاء كل يوم من رمضان، وخاصة عند الفطر وفقا لحديث أبي هريرة: إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد حتى وإن ضعف البعض إسناده، ويعني قوله صلى الله عليه وسلم عند الفطر أي قبيل الفطر وبعده مباشرة

وآية الدعاء على صيغة الشرط {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} إيماء إلى أن أمر الإجابة متحقق موعود بشرط الدعاء

ودعاء الكفار والمشركين مرهون بمشية الله، إن شاء قبله وإن شاء لم يقبله، أما دعاء المؤمنين فلا يرد لأنه وعد مطلق بلا مشيئة، فإما أن يعطيهم الله ما سألوا، أو يدخر لهم خير منه، أو يدفع عنهم من السوء بقدره

وحينما استخدم رب العزة في الاية كلمة عبادي ولم يقل الناس أو المسلمين أو المؤمنين فإنه أراد بذلك تعظيم الداعي أيا كان، تعظيم اللحظة التي ترفع فيها يديك إلى خالقك، حتى أن الله استخدم نفس اللفظ مع النبي فقال: سبحان الذي أسرى بعبده… فجعل النبي والداعي في مقام العبودية لله وهي المقام الأعظم لخلقه

وقال الحسن البصري أن السفينة مفتاح البحار، والطرق مفتاح الأراضي، وأما الدعاء فهو مفتاح السماء

فما هي العوامل التي يتحرى الله بها إجابة الدعاء، وما العوامل التي تمنع ذلك؟

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"