اللواء مروان مصطفى يكتب : طوفان الاقصى وهلاوس الانفلونزا الموسمية
كلما اشتدت عمليات الاباده الجماعيه في غزه تزداد معها وبالتوازي اوجاعي النفسية والجسمانية للإنفلونزا الموسمية التي احتلت جسمي مؤخرا ، وهاجمته بشراسه اعنف مما تقوم به اسرائيل من عمليات انتقامية لسكان غزه ..وتحيرت كثيرا فيما يمكن مناقشته معكم بسبب سرعه الاحداث وتلاحقها علي مدار أيام الأسبوع الماضي .. ولذا فقد رايت اكتفي بأن أضع امامكم بعضاً من خواطري
أو حتى الهلاوس التي اصابتني من جراء تلك الأحداث .
وبالموقف المصري أبدأ.. حيث تتعرض مصر لاخطر مؤامره دوليه في تاريخها الحديث (لاستقطاع جزء من سيناء كوطن بديلا للفلسطينيين )وهو ما كان يعرف بصفقه القرن التي رفضها الرئيس الراحل مبارك ، ثم عاد حكم الاخوان ورحب بها (بل وقبض جزء من ثمنها ) ونجحت مصربعد ثوره 30 يونيو في افشالها .
ولكن يشاء القدر..ان تتغيركافه الأمور والمواقف السياسية الدوليه بعد النكبه الكبري والفضيحه المدويه التي تعرضت اسرائيل لها وهو مادعاها لانتهاز فرصه ما حدث وواسغلال المساندة الدولية غير المحدودة لها باعاده فتح الملف مره اخري ..لأنها (اذا ما نجحت في ذلك)سيكون المخرج الوحيداً لتجاوز الفضيحه ، وفرصه اخيره لتحقيق حلمها الكبير في تصفيه القضية
..وبسرعه حشدت كل (الجهود الدوليه وبعض التنسيقات العربيه) لمواجهة الرفض المصري وتضييق السبل عليه..سواء بتكثيف وتشديد الضغوط ..أو عرض المزيد من الاغراءات ، ويمكن اذا ما تطلب الأمر فرض الأمر عليها بقوه الامر الواقع … من خلال زحزحه وتحريك شعب غزه ودفعه بقوه السلاح للجنوب ، لتكديسهم أمام معبر رفح ..وهو ماسيؤدي بالقطع لحدوث كوارث ومأسي انسانيه أليمه ( والشتاء علي الابواب)… يستتبعها نداءات ومناشدات دوليه لانقاذ حياه الملايين من الأشقاء الفلسطينيين واستضافتهم بمصر.
.واحقاقا للحق وللتاريخ كانت ضغوطا رهيبه، وكانت الاغراءات أشد .
وبحمد الله وفضله اكدت مصر قرارها النهائي الذي أعلنه الرئيس السيسي وقال كلمته التاريخية ( احنا مش هانسيب سيناء لحد) .. وسارع في خطوه استباقيه بكشف خيوط وأبعاد المؤامرة علي الملأ ..وحذر وهدد كل الأطراف ، وأصر علي رفض الضغط الأمريكي لفتح معبر رفح لخروج الرعايا الأجانب دون ادخال المساعدات الإنسانية…وكان جفاء مقابلته لوزير الخارجية الأمريكي واذاعه المقابله علي الهواء (في سابقة تحدث لاول مره) موقفاً سيذكره التاريخ دوماً… ناهيك عن الغاء القمه الرباعيه مع الرئيس الامريكي في الاردن.
ولاصحاب المقام العالي في البيت الابيض نقول لهم لقد شاركتم بكل الفخر، والانحياز، وبلا انسانيه في ارتكاب مذابح القتل والاباده الجماعيه لشعب اعزل له كل الحق في ان يدافع عن ارضه المحتله لتحريرها من مغتصبيها في اطار كفاحه لاسترجاع كل حقوقه المغتصبه.
وللمره الاولى في التاريخ يرأس الرئيس الامريكي مجلس الحرب الاسرائيلي ، وتولي وزراء الخارجيه والدفاع الامريكيين اداره الحرب.. (طمعاً في اصوات انتخابية من الوارد جدا فقدها )بسبب مارأيناه من بوادر لانقسام الرأي العام الأمريكي.. والرفض الشديد للمنظمات اليهودية ،وتظاهراتهم الحاشدة لرفض الحرب .
وبنفس المنطق سارعت اوروبا وقياداتها.. بتنفيذ قائمه تعليمات البيت الابيض التي ارسلت لهم ولحكومتهم بل وأيضاً لوسائل اعلامهم .. وتخلوا طائعين عن كل مبادئهم وثوابتهم وشعاراتهم عن العدالة الانسانيه وحقوق الإنسان، وعدم التمييز ، وهرولوا لاسرائيل لمنافقتها والتصوير مع قيادتها..وتناسوا انهم كانوا بالامس القريب يصرخون ويطالبون الروس بالالتزام بالقوانين الدوليه الانسانيه وعدم الافراط في استخدام القوه ضد الاوكرانيين الابرياء .. ولهم جميعاً اقول لقد فضحتم انفسكم بانفسكم ، وكشفتم زيف مبادئكم ، ومعاييركم المزدوجة التي تطبقونها وفقا لأهواء سياسيه خاصه أو تعليمات صادره من الباب العالي .
اما عن ايران التي نفت مشاركاتها في طوفان الاقصى رغما عن بصماتها الواضحه كالشمس في مجال امداد وتسليح وتدريب عناصر حماس ومدهم بصواريخ وأجهزة تشويش وتمويه متقدمه مكنتهم من النجاح في عملياتهم العسكريه في الأيام الأولي من الحرب.. ونتفهم جميعا أنها رسمت خطه للثأر من اسرائيل تم تنفيذها من وراء الستار باقتدار بالغ … وتمكنوامن رد الصاع صاعين ، والأخذ بثأر قيادات الحرس الثوري الايراني الذين اغتيلوا بصور استعراضيه ، وردوا بقسوه علي الاعتداءات الاسرائيلية المتكرره علي منشأتها النوويه والاسراتيجيه.. ووجهت صفعه قويه لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي طالما تطاول وهدد ايران بصلافه وغرور .
وكانت سعادتنا بالغه .. بتحذيرات وتهديدات المسئولين الايرانيين في الأيام الأولي بفتح جبهات اخري علي اسرائيل اذا ما تدخلت بريا في غزه ..او اذا ما تمادت في سياسه الاباده والعقاب الجماعي.
ولكن فجأة وبلا اى مقدمات ..هدأت الأمور، وتغيرت النبره ، وساد الصمت .. ولم نعرف سبباً أو تبريرا لذلك التراجع الكبير ( سوي ما تردد في الكواليس عن قيام امريكا بدفع 10مليار دوﻻر كانت مجمده لايران لديها ..نظير التوقف وعدم التصعيد، وعلي أن يقوم الاسطول الامريكي بمراقبة وضمان التنفيذ ) .
(وان صحت هذه الروايه) هل يحق لنا أن نتسائل عما اذا هناك اتفاق مسبق لاستخدام حماس كمخلب قط للثأر من اسرائيل ..؟ بدلامن المواجهة المباشره وهل وافقت حماس علي ذلك الاتفاق رغبه منها في اظهار قوتها وقدرتها ، ولأخذ لقطه تاريخية علي اسرائيل… والتي بدورها طار صوابها ، وجن جنونها ولم يكن امامها سوي انتهاز الفرصة لصرف الأنظار عن هزيمتها وتحويلها الي نصر وهمي من خلال تدمير غزه واباده سكانها وتهجير ما قد يتبقي منهم لسيناء المصريه وعلي أن يتم بعد ذلك تهجير سكان الضفة الغربية للاردن بنفس الأسلوب.. وهو مايحقق حلمها الرئيسي في دوله اسرائيليه خاليه من الفلسطينيين.. وحتى الفلسطينيين سيكون لهم وطن جديد بديل آمن.. ويكسب الجميع ( وتكون مصر الخاسر الوحيد في الصفقه ) .
حد ممكن يقولي أن ده سيناريو ده حقيقي واقعي … ام مجرد هلاوس وتخاريف لانفلونزتي الموسميه ..ممكن اعرف رأيكم ..!!
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب.