الدكتور عماد عبد البديع يكتب : ( ثقافة الواجب ! )

أحب مشاهده البرامج عادة على قناه ماسبيرو زمان بما تحمله من أصاله وعبق التاريخ وروائح الزمن الجميل. وأثناء مشاهدتي لأحد السهرات الثقافية الترفيهية كان من ضمن الحضور سفير مصر في اليابان والسيدة حرمه، وتطرق اللقاء حول سر نهضه اليابان طبقا لما شاهداه وعايشاه أثناء فترة توليه لمنصب سفير مصر باليابان …

كانت الإجابه بكل وضوح تتمثل في أن أهم سبب لنهضة اليابان يتمثل في انتشار ما يسمى بثقافة الواجب لدى أبنائها؛ الأب لديه واجب تجاه أسرته والأم لديها واجب تجاه أطفالها وبيتها؛ فهي مسئولة عن كل ما يخص الأسرة من مأكل ومشرب وتعليم الأطفال ومتابعة مستواهم التعليمي بكل تفاصيله، والمعلم لديه واجب تجاه تلاميذه، والحكومة لديها واجب اتجاه مواطنيها، والمزارع والصانع والطبيب والمهندس والعالم والعامل، كل فرد وكل مسؤؤل لديه واجب اتجاه نهضة وطنه ومن هنا كانت النهضة وحدثت المعجزة في اليابان..

خرجت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية شبه مدمرة تماما، حيث دمر كل شيء تقريبا بعد إلقاء القنابل الذرية عليها وأصبحت كأي دولة من دول العالم الثالث، وكان عليهم ان يبدأوا من الصفر. قدر الخبراء أن اليابان تحتاج إلى مائة عام على الأقل حتى تعود إلى ما كانت عليه، لكنها خلال عشرون عاما فقط حققت الطفرة والمعجزة بكل المقاييس وأصبحت في مصاف الدول المتقدمه.

شعر اليابانيون بعد تدمير وطنهم اثناء الحرب العالميه الثانية أن عليهم واجب اتجاه وطنهم فانكبوا على العمل والعمل فقط حتى أصبحت اليابان قوه عظيمه… المعجزة الحقيقيه في اليابان تتمثل في عدم امتلاك اليابان لموارد طبيعية على أرضها أو امتلاك القليل منها إلا أنها تمتلك أغنى وأغلى مورد وهو الإنسان!

فعلى سبيل المثال تتصدر اليابان قائمه الدول المصدرة للبترول الثالثة دوليا رغم انه لا يوجد متر غاز على ارضيها، وكذلك تتصدر قائمه الدول المنتجه للحديد والصلب رغم انه لا يوجد ذلك المنتج في بلدها، حيث تقوم باستيراد المنتج الخام وتعمل على إعادة تصنيعه وتصديره لدول اخرى، تمتلك اليابان أسرع وسائل النقل والمواصلات بمعدل تأخر للقطارات يبلغ 7 ثواني في العام!

تمثل اليابان نموذجا حقيقيا للإرادة والتحدي، حتى أصبحت مضرب المثل في كل أحاجي الشعوب والأمم التي ترغب في سلك نهج التنمية الحقيقية،،، لك أن تتخيل لو مارس كل منا ثقافة الواجب تجاه وطننا، كل في موقعه وفي نطاق مسئوليته لمدة عام واحد فقط عام واحد!! وخاصة أننا نمتلك ثورة بشرية وشبابية هائلة ،،، نحن لسنا في حاجه إلى مزيد من الاستراتيجيات والبرامج والخطط الخمسية والعشرية _ عزيزي القارئ_ بقدر حاجتنا إلى ثقافة العمل والواجب…