مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: اللي على راسه بطحة!!

0:00

نستخدم _ نحن المصريين _ هذا التعبيرَ للدلالة على إصابة الهدف بدون قصد، بمعنى أن تجمعني جلسة مع أصدقاء وأُحذر من نقل ما سنقوله لشخص ما _ تحذيرا عاما _ وفجأة يثور أحدُ الجالسين وكأنه المعنِيُّ بالتحذير! لماذا تحدث هذا الشخص بالذات واعترض؟! لأنه شخصية مرتابة سيئة الظن، فضلا عن كونها أتت بهذا الفعل (نقل الكلام) أكثر من مرة لذا تحسستِ البطحةَ رغمًا عنها!!

صنَّفَ عِلمُ النفس الشخصياتِ إلى عدة أنواع، منها الشخصية السوية والمرتابة والساذجة وغيرها، الغريب أننا لا نقابل في حياتنا إلا القليل من الشخصيات السوية، خاصةً في عصر التكنولوچيا و (السوشيال ميديا)، فبعد أن كانت الشخصية تتأثر بعوامل مثل الوراثة والبيئة والتربية والمجتمع وغيرها، أمست (السوشيال ميديا) مؤثرا محوريا في الشخصية، إذا ما نظرنا لدخولها المبكر والخاطئ لحياة الإنسان منذ سنواته الأولى.

ولكن من وجهة نظري المتواضعة أرى أن الشخصية المرتابة سيئةَ الظن هي الأسوأُ على الإطلاق؛ دومًا تظن أن الجميع سييءُ النية، يُضمر غير ما يُظهر، وهذا يَمنح التشكيكَ في النوايا منزلةً متقدمة لديها عند التعامل مع المحيطين، ترى أنها دومًا على حق، والباطل محاولات الآخرين لكشفِ خطأ ما تعتقده، لذا تحب السيطرةَ والتحكمَ في الغير، لتضمنَ محوَ أيِّ رأي مغاير، شخصية غير اجتماعية بالمرة ولو حاولت إظهارَ العكس، ألم نقل مرتابة تفرز النوايا ولو كان ما يقال دعابة؟! ووفقًا لهذا التوصيف النفسي العام، هي شخصيةٌ مجادلة من الدرجة الأولى، لأنها ترى دومًا نفسها في موقفِ دفاع أو هكذا ترى (على راسها بطحة).

لو كنتَ تمتلك هذه الشخصيةَ أيها القارئ، فلا جدوى من العلاج لأنك ستَعتبر المقالَ سلاحًا لمحاربة نجاحك الذي لا يراه إلا أنت، وإذا كان بحياتك تلك الشخصية فأنصحك أن تبتعد عنها لأنها _ وفقا لعلم النفس _ شخصيةٌ ماصة للطاقة، مُرهِقةٌ ومُحبِطة، وإن كان ولا بد من التعامل معها، فالنفاق هو السبيل، وإلا تسلَّحْ بالحُجج والبراهين في حديثك معها إن كنتَ من أصحاب المبادئ، وهنا يحضرني قولُ أحدهم: (العاقلُ في هذه الدنيا من استطاع البقاءَ سويًّا وسط هذا الكمِّ من الأمراض النفسية التي تسير على قدمين).

زر الذهاب إلى الأعلى